:!:منتدي الهندسه الميكانيكيه®™ يرحب بزواره الكرام:!:
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

:!:منتدي الهندسه الميكانيكيه®™ يرحب بزواره الكرام:!:

هذه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
eng_madawi
Admin
eng_madawi


ذكر
عدد الرسائل : 35
العمر : 37
العمل/الترفيه : eng
تاريخ التسجيل : 11/07/2008

لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟   لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟ I_icon_minitimeالسبت 30 أغسطس 2008 - 7:14

لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟








أحمد المسلماني

لماذا يتّسم الشرفاء بثقل الظل ورتابة الحديث وبؤس التسلية؟ ولماذا يتسم الفاسدون بخفة الظل ومتعة الحوار ولطف المؤانسة؟.. كنت في عشاء فاخر ذات مساء قريب حين قطع علينا الجلسة أحد كبار الفاسدين، جلس إلينا الرجل وسط ترحيب مفتعل.. لا رغبة لدينا في مصافحته ولا طاقة لنا علي مناقشته.. لم يكترث القادم بما نحن عليه من رغبة أو قدرة، وجلس يتجاذب معنا أوساط الحديث.. فإذا بالضيف الفاسد هو من أضفي البهجة علي المكان، قصة وراءها قصة، ونكتة وراءها نكتة.. حكايات لا تنقطع ومواقف لا تنتهي وتعليقات خصبة ساخرة.. إبهار حقيقي في متعة الحكي وروعة الأداء. كان الرجل قادراً علي توزيع القفشات بدقة مذهلة، يعرف أي قصة يستحضر، وأي موقف يستشهد، وأي نكتة يختم بها قبل الفاصل.


مضت أيام أُخَر.. ثم كان عشاء فاخر ذات مساء أقرب، حين قطع علينا الجلسة أحد كبار المصلحين، رجل جاد وقور.. مثقف بارع فاضل، يملك من حسن الخلق ما يوازي ممتلكاته من سعة العلم وإخلاص السعي.
بات الحوار هذه المرة مملاً ثقيلاً، وأصبحنا في هذا العشاء كأننا تلاميذ فصل ابتدائي أُلغيت لهم حصة الألعاب لتحل حصة الحساب.. حفنة من الهمهمات، وأخري من التثاؤبات، وثالثة من إعادة قراءة الرسائل القصيرة.
تُري لماذا؟!.. فكّرت في أن أسأل الصديق الكبير الدكتور أحمد عكاشة رئيس الاتحاد العالمي للطب النفسي، ثم ترددت.. فلربما اتهمني الدكتور عكاشة بشيء من اضطراب الذهن أو خلل الإدراك حتي يزيح عن كاهله عبء الشرح والإيضاح.. فاكتفيت بأن أسأل نفسي.. تُري لماذا؟
اليقين أن الاستقامة عُسر وأن الانحراف يُسر، وأن المخلصين ذو أعباء.. يحملون علي أكتافهم مسؤولية أنفسهم والآخرين، يمتّد عندهم الحزن باتساع الوطن.. فهم قلقون علي وضع البلاد والعباد.. علي الصادرات والواردات، علي البطالة والاستثمار، علي الخبز والسلاح، علي الداخل والخارج.. من المحافظات إلي القارات.
وأما غير المخلصين فلا عبء ولا همّ ولا حزن، فالوطن هو الذات، والشعب هو الأبناء، والعالم هو المنزل، لا يحزن الفاسدون علي ما يصيب غيرهم، ولا تذرف لهم دمعة إذا ما كانت الأزمات خارج منازلهم، والمعاناة خارج أولادهم. من الطبيعي إذن أن تخلو ضمائرهم من عذاب الآخرين، وتخلو أفئدتهم من وجع المحيطين، وتخلو عقولهم من صخب الفلاسفة والمصلحين!
لا يحتاج الإخلاص إلي مهارات كبيرة، هي فقط فضائل وأخلاقيات، ولكن الفساد علم وفن وصناعة، الفساد إرادة وخطط وتدبير. ويحتاج الفاسدون إلي اختيار المكان المناسب والوقت المناسب والهدف المناسب، يحتاجون أحياناً إلي مسبحة وسجادة صلاة «يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً» ويحتاجون أحياناً إلي بدلة أنيقة وقبّعة فاخرة كأنهم قد فرغوا للتّو من إدارة نصف العالم وليس لديهم الكثير لإدارة هذا الجزء من البسيطة، وقد يحتاجون ثالثاً إلي حلاوة في اللسان وطلاوة في البيان، وقد يحتاجون رابعاً إلي استرحام واستعطاف.. فيشرعون في طقوس الذل والخضوع، ثم يبتهلون إلي من يملكون بناصيتهم مديحاً وإطراء من الأجراء إلي الأحفاد.
في كل ذلك يتحصل الفاسدون من خبرة الحياة، من قصصها وحكاياتها ونكتها وتفاصيلها، ما لا يتحصله المصلحون الجادون، إن المخلصين يقرأون بالليل ويكافحون في النهار، أما الفاسدون فأهل مزاج وفراغ، نهارهم تحصيل، وليلهم إنفاق، لديهم من وقائع الحياة ما يسمح بالكثير من الرواية.. فنادق وقري، مراكب وطائرات، عواصم ومطارات، أنهار ومحيطات، أضواء ونساء.. ألف قصة وقصة، عالم كامل ممتلئ بالأحداث والأشخاص، ثراء حقيقي في خبرة الحياة وخبرة تقديم الحياة.
وقد بات يتردد في علم الإدارة الحديثة كلام من نوع، ضرورة المجاملة، المبالغة في الابتسامة، حسن الحديث، تلطيف مناخ التفاوض، استخدام أسماء الأشخاص وذويهم كثيراً في الحوار.. إلي غير ذلك من كتب رديئة في مجال العلاقات العامة.. باتت تقدم النفاق والرياء والخداع باعتبارها مواصفات الرجل الاجتماعي الناجح.. هي كتب لا تقدم أي شيء غير النصيحة بأنه لكي لا تنجح فقط «تكلم» وأحسن الكلام.. ثم تحصل بنفسك عوائد الكلام.
صار «الكلام» لدي الفاسدين سلاحاً، صار وردة حين يتطلب الأمر رقة ونعومة، وصار قنبلة حين يتطلب الحال إفساح الساحة وإخلاء الميدان.
صارت النكتة ركيزة للقوة، والقفشة طريقاً للثروة، صارت الحكايات والروايات صناعة لها قواعد وأصول، أضحي المخلصون يتعثرون في أرقامهم وأوجاعهم، وأضحي الفاسدون مشرقين متوهجين.. قتل الوجعُ الوهج.. وبات الفاسدون يتمتعون بخفة الظل!
* نقلا عن صحيفة "المصري اليوم"

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mech4arab.yoo7.com
 
لماذا يتــسم الفاسدون بخفــة الظل؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
:!:منتدي الهندسه الميكانيكيه®™ يرحب بزواره الكرام:!: :: الأقســــــام العامه :: الموضوعات العامة-
انتقل الى: